القائمة الرئيسية

الصفحات

الكوارث الهندسية على المستويين المحلي والعالمي (مقالة تفاعلية) (المستشار المهندس/ خليل رشاد)

 

الكوارث الهندسية على المستويين المحلي والعالمي (مقالة تفاعلية)

المستشار المهندس/ خليل رشاد علي    
خبير التحكم البيئي والنشاط البشري – استشاري معماري 
الرئيس التنفيذي لشركة إثونوميكا7 (برلين – القاهرة)   

 

 في بداية دراستي للهندسة المعمارية سأل الدكتور سؤالا هاما لندرك أهمية وظيفة المهندس وقال : ما الفرق بأن تستعين بمهندس أو بمقاول فقط ؟ وكانت الإجابات كثيرة ،فلخصها بعبارة واحدة : الهندسة توفير ومتانة ودقة . وأترك لكم التعليق وكتابة تجاربكم الشخصية سواء حدثت أيام الدراسة أو أثناء الحياة المهنية ، الطريفة منها والجادة.

ففي مجال العمارة والإنشاء فإن المهندس لا يهدر المساحات فيما لا يفيد ويوظفها جيدا ، ويحسب تكلفة البناء بدقة دون إهدار للمواد والنفقات التي لا فائدة منها ، ففي أزمان ليست بالبعيدة كان من يرغب في بناء منزل يستعين بمقاول ، الذي يقوم بتخطيط الأرض في الموقع (وكما كنا نقول : يخطط بالشمسية) ، ومن ثم يطلب منه المالك أن يضع كمية كبيرة من الحديد ومواد البناء في الأساسات معتقدا أن ذلك سيعطي قوة للمبني .

ولكن تزايد عدد المهندسين وازدياد الوعي لدى الناس مع وجود القوانين والتشريعات والضوابط التي تحكم عملية البناء ، إلتزم الناس باستخدام المهندسين ، ثم يقوم المقاول بالتنفيذ طبقا للرسومات دون أن يدخل أي تعديلات إلا بموافقة المصمم سواء كان معماري أو إنشائي أو كهرباء أو صحي .

وبالرغم من التقدم والتطور في الدراسة والآليات إلا أن حدوث الخطأ البشري وارد ، وسأتناول بعض الكوارث والأخطاء التي حدثت نتيجة التصميم أو التنفيذ الذي أشرف عليه مهندسون وخبراء.

وعندما قلت في العنوان (مقالة تفاعلية) أقصد أن كل مهندسة أو مهندس ممن يقرأون هذه المقالة أن يتفاعلوا ويكتبوا في التعليق عن تجاربهم الشخصية في الأخطاء الهندسية التي أدت إلى أزمة أو كارثة أو مشكلة ، تلك الأحداث التي لن نجدها على شبكات الإنترنت ، مما ستكسبنا معرفة وخبرة .

أولا: أخطاء هندسية على المستوى المحلي

أبدأ بذكر بعض طرائف الدراسة ، عندما كنا ندرس الهندسة بالقلم والورق والأدوات الهندسية المتعددة  ، وحيث كانت علبة الأدوات أكبر من علبة التشريح لدى الأطباء ، وكنا نقوم بصنع لوحات كبيرة من الخشب (شاسيهات) ونشد عليها الأوراق البيضاء بالكاء ونتركها حتى تجف ويتم الرسم أولا بالقلم الرصاص ومن ثم التحبير، ولم يكن ظهر الأوتوكاد أو الأركي كاد بعد.

ومن المواقف الطريفة أثناء تلك الفترة : كان هناك مشروع تصميم مجمع ثقافي ضخم وبه دار للأوبرا تضم 1200 مقعد ، وبعد الرسم يكون التحبير ووضع الفتحات ، وكان أحد الزملاء يقوم بتحبير حوائط المسقط الأفقي للأوبرا بالقلم السميك الذي يظهر الحوائط مصمتة تماما ، ويبدو أنه سرح بفكره بعيدا ، وجاء دكتور المادة يتابع سير العمل (كان الدكتور زكي حواس رحمه الله) فنظر طويلا إلى الرسم وقال بجدية للطالب : لا تنس عند رسم المقاطع أو تضع فتحات في السقف تمتد من وسطها مواسير معدنية ، فاستفسر منه الطالب مندهشا ، فقال : حتى ينزلق الجمهور عليها إلى القاعة ، وضج الجميع بالضحك ، والمواقف المماثلة أثناء الدراسة كثيرة.

من الأخطاء الهندسية التي عاصرتها – ولم أشارك فيها – وأعتذر عن ذكر أسماء الشركات أو المشاريع أو الأماكن (أحيانا) أذكر بعضها فيما يلي :

حصلت إحدى شركات المقاولات الكبرى على عطاء تنفيذ مشروع ضخم ، ومن المعروف أنها تحصل على دفعة مقدمة توازي نسبة معينة من المواد بعد تشوينها ، فسارعت الشركة بإحضار أكبر كم من المواد (مثل الحديد والأسمنت وغيرها ) بالإضافة إلى المعدات وتم وضعها جميعا بالموقع وحصلوا على أمر البدء بالتنفيذ ، 

حيث وجدوا أن جميع المواد والآليات غطت الموقع الذي سيقام عليه المشروع وما يحيط به من أراضي وأغلب الطرق المؤدية إليه ، ولكم أن تتخيلوا الوقت والمال الذي تم إنفاقه لإخراج المواد من موقع المشروع والعمل على تخطيط وتنسيق الموقع العام لبدء التنفيذ.

وشركة أخرى كان من المفروض أن تقوم بإنشاء خزان اسطواني ضخم ، وبشرط أن يتم صب جدار الخزان مرة واحدة تحقيقا للمواصفات الفنية المطلوبة ، فقامت الشركة بتجهيز حوالي 36 سيارة خلاط ، وأربع مضخات ، وعند بدء العمل تعطلت 12 سيارة ميكانيكيا في الطريق ، وتعطلت 3 مضخات أثناء العمل ، و8 سيارات أثناء الصب ، وأصيب 4 سائقين بأعراض مرضية طارئة أقعدتهم عن العمل ، وفشل الصب الكامل في هذا اليوم بسبب سوء الإدارة والتخطيط ووضح حلول عاجلة لأزمات متوقعة.

ذات مرة تقرر إنشاء مصنع ضخم وجديد لإنتاج الأسمنت ، وبدأ العمل على قدم وساق حتى انتهى تنفيذ المشروع في وقت قياسي ، وعند بدء التشغيل تبين أنه قد تم إنشاء وإقامة المصنع على موقع الخام المخصص لتشغيل المصنع ، وكانت كارثة هندسية ، 

وهنا تظهر أهمية الدراسات الخاصة بالموقع ، وبالتالي تصبح دراسة تقييم الأثر البيئي (Environmental Impact Assessment ) من أهم الدراسات والبحوث التي يجب القيام بها قبل بدء تصميم أي مشروع بالإضافة إلى دراسات الجدوى الاقتصادية.

زميل معماري تخرج حديثا وأصبح مهندسا ، وفرح به كل من يعرفوه ، فكلفه أحد أقاربه بتصميم فيلا من 3 أدوار في منتجع على أحد الشواطئ ، وأن يقوم بإعداد الرسوم التنفيذية التي سيسلمها للمقاول للتنفيذ ، ولا توجد ضرورة للإشراف على ذلك فالمقاول خبير ، 

وبعد الانتهاء من الإنشاءات الأساسية ، جاءه قريبه مسرعا مستنجدا وطلب منه السفر معه إلى موقع البناء ، فتبين أن نصف المدخل الرئيسي والمداخل الجانبية غاطسة في الأرض إلى النصف حيث تبدأ درجات السلم ، وعرف الباشمهندس المصمم أنه رسم القطاع بلا إهتمام ولا حسابات عن مستوى سطح الأرض ، والمقاول ينفذ ما أمامه بدون تفكير واكتشاف أخطاء التصميم ، 

ولإصلاح الخطأ تم حفر الأرض حول البناء بعمق متر ونصف مع إعداد ممرات مائلة تصل إلى المداخل مما أدى إلى تشويه الحديقة المحيطة وعدم إنشاء حمام سباحة أو مدخل للسيارات.

والقصص حول ذلك كثير ، وبالتأكيد لديكم أكثر.

الكوارث الهندسية حول العالم

إنها كثيرة ومتعددة وحدثت في دول تميزت – في نظرنا – بتقدمها ودقتها ، وهذه الكوارث يمكن الإطلاع عليها تفصيليا عبر البحث على الانترنت والمواقع وسأذكر بعضا منها للتذكير ، 

وإن كانت هناك كوارث ناتجة عن خطأ بشري في التشغيل والإدارة ولكن البعض عزوها إلى أخطاء هندسية سواء في التصميم أو التشغيل ، مثل كارثة السفينة (تايتانيك) فقد غرقت نتيجة اصطدامها بجبل جليدي ، ولكن البعض قالوا أن الخطأ كان في استخدام مسامير ضعيفة لبدن السفينة ، وأيضا كارثة مفاعل تشارنوبيل.

ومن أشهر الكوارث الهندسية بالفعل (على سبيل المثال لا الحصر):

·        كارثة العسل الأسود :وهو إنفجار خزان يحتوى على 2,3 مليون جالون عسل إسود بسبب سوء التصميم والنتيجة وفاة 21 شخص وإصابة حوالي 150.

·        سد سانت فرانسيس : حدث تشقق في جسم السد عام 1927 وتدفقحوالي 12.50 مليار جالون تسببت في وفاة أكثر من 420 شخص .

·        جسر تاكوما بواشنطن : الذي إنهار بالكامل بسبب قوة الرياح نتيجة عدم وضع ذلك في الاعتبار عندالتصميم ، ولقد تسبب هذا الإنهيار في وفاة كلب .

·        جسر كيبك في كندا : إنهار في عام 1907 وتسبب في مقتل 55 شخص نتيجة أخطاء في التصميم ، وقام المهندسون بتصحيح هذه الأخطاء وإعادة بناءه ، فسقط مرة أخرى مع وفاة 13 عامل و22 مليون دولار خسائر.

وأترك لكم التعليق وكتابة تجاربكم الشخصية سواء حدثت أيام الدراسة أو أثناء الحياة المهنية ، الطريفة منها والجادة.

إعداد وتقديم

  مهندس/ خليل رشاد

خبير التحكم البيئي والنشاط البشري – استشاري معماري
الرئيس التنفيذي لشركة إثونوميكا7 (برلين – القاهرة)
هل اعجبك الموضوع :
author-img
مجلة ثقافية اجتماعية فنية (مستقلة)

تعليقات

التنقل السريع