دين و دنيا
بسم اللّٰه الرحمٰن الرحيم
ونحن ما زلنا في
بدايات العام الجديد ينبغي علىٰ العاقل أن يحسن البدايات لأنها ستصل به إلىٰ أسعد
النهايات، فقد علمنا سيدنا رسول اللّٰه: (من عاش علىٰ شيئ مات عليه).
لذلك فإن الفطن
اللبيب من يحسن في كل يوم لأنه يوقن أنه هدية من العليم ويتذكر هذا النداء:
(يا ابن آدم أنا يوم جديد وعلى عملك شهيد فاغتنمني فإني لا أعود إلىٰ يوم القيامة).
فيأخذ من يومه
لغده،
ومن حياته
لموته،
ومن دنياه
لآخرته.
أخي القارئ الكريم؛ ما أسرع الأيام تليها الأعوام
فالكيِّس من دان
نفسه وعمل لما بعد الموت
والجاهل من أتبع
نفسه هواها وتمنى علىٰ اللّٰه الأماني.
كما رُوي عن
سيدنا عمر بن الخطاب -رضي اللّٰه عنه-
وليس معنى كلامي
هو الزهد في التام في الدنيا بل المقصد منه هو تحقيق التوازن بين الأمرين كما قال
رب العالمين في القرآن الكريم (وَٱبۡتَغِ فِیمَاۤ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ
ٱلۡـَٔاخِرَةَۖ وَلَا تَنسَ نَصِیبَكَ مِنَ ٱلدُّنۡیَاۖ وَأَحۡسِن كَمَاۤ أَحۡسَنَ
ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ وَلَا تَبۡغِ ٱلۡفَسَادَ فِی ٱلۡأَرۡضِۖ إِنَّ ٱللَّهَ لَا
یُحِبُّ ٱلۡمُفۡسِدِینَ)
[سورة القصص
77]
وقد وعدت السادة
القراء في المقال السابق ذكر سبب وقصة مقولة:
(إن لربك عليك حقا، ولنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا)
وهي أنه في يوم
من الأيام
زار سيدنا سلمان
الفارسي -رضي اللّٰه عنه- أخاه سيدنا أبو الدرداء -رضي اللّٰه عنه- فما وجده, لكنه
وجد أم الدرداء وهي متبذِّلة، فسألها عن شأنها, فقالت: أخوك أبو الدرداء ليس له
بنا حاجة في الدنيا! فجاء أبو الدرداء، فصنع له طعامًا, فقال له: كُل, قال: فإني
صائم, قال: ما أنا بآكل حتى تأكل, قال: فأكل, فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم
قال: نَم، فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَم فنام، ثم ذهب يقوم، فقال: نَم, فلما كان
من آخر الليل قال سلمان: قُم الآن، فَصَلَّيَا, فقال له سلمان: إن لربك عليك
حقًّا، ولنفسك عليك حقًّا، ولأهلك عليك حقًّا، فأعطِ كل ذي حق حقّه، فأتى أبو
الدرداء النبيَّ صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له, فقال النبي صلى الله عليه وسلم:
صدق سلمان. رواه البخاري"
إعداد وتقديم
د. عبدالرحمن علام
تعليقات
إرسال تعليق