ثقافة الأمن والسلامة النووية
استاذ هيدرولوجيا النظائر البيئية و دراسة مواقع محطات نووية
وكيل شعبة الرقابة الاشعاعية الأسبق
هيئة الرقابة النووية و الاشعاعية
Wafaasalem21@yahoo.com
يُشكِّل الأمن والسلامة النووية أهمية كبيرة بعالمنا الحالي
يشكل الأمن والسلامة النووية أهمية كبيرة بعالمنا الحالى بعد انتشار الأسلحة النووية لما له من أخطار وكوارث على الحياة البشرية ، ومن هنا اهتمت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بهذا المصطلح ،
و تعرف السلامة النووية (Nuclear safety) بأنها مصطلح يعني إتخاذ كل الإجراءات الممكنة لمنع وقوع الحوادث النووية والإشعاعية وأيضا التحقق من ظروف التشغيل المناسبة ومنع الحوادث أو التخفيف من آثار الحوادث لحماية العمال والسكان والبيئة من مخاطر الإشعاع الغير ضرورية والغير مرئية فى بعض الحوادث..
أما مصطلح الأمن النووي (Nuclear security) عرفته الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأنه الوقاية من السرقة أو التخريب أو الدخول غير المصرح به أو النقل غير المشروع أو أي أعمال ضارة أخرى تحتوى على مواد نووية أو مواد مشعة أخرى أو أى مرافق مرتبطة بها.
ويشمل ذلك محطات الطاقة النووية وجميع المرافق النووية الأخرى ونقل المواد النووية واستخدام وتخزين المواد النووية للاستخدامات الطبية والطاقة والصناعة والعسكرية...
وقد تحسنت صناعات الطاقة النووية من حيث سلامة وأداء المفاعلات واقترحت تصاميم مفاعلات جديدة أكثر أمانا من عدة جهات.
وتشمل المصادر المحتملة للحواث على عنصريين هامين جدا هما :
الأخطاء البشرية والأحداث الخارجية اللتان لهما تأثير أكبر مما هو متوقع، فلم يتصور مصممو المفاعلات في الجدول الزمني للحوادث النووية في فوكوشيما في اليابان أن تسونامي من جراء زلزال سيعطل أنظمة التبريد الاحتياطية التي كان من المفترض أن تعمل على استقرار المفاعل بعد وقوع الزلزال (الزلازل من الاحداث الخارجية).
ايضا حادثة تشيرنوبيل عام 1986 وانتشار الغبار النووى فى العديد من الدول المجاورة مما أدى الى كوارث بيئية آنذاك فى بلاد عدة (وكانت بسبب الأخطاء البشرية وليست بسبب نوع المفاعل ذاته).
الإتفاقيات الدولية للأمن والسلامة النووية
الإتفاقيات الدولية للأمن والسلامة النووية هي معاهدة تابعة لوكالة الدولية للطاقة الذرية لعام 1994 والتي تحكم قواعد السلامة في محطات الطاقة النووية في الدول الأعضاء في الاتفاقية.
تنص الاتفاقية على التزامات كثيرة لجميع الدول المشاركة فى هذه المعاهدة لتنفيذ قواعد ومعايير سلامة معينة لجميع المرافق المدنية المتعلقة بالطاقة النووية، بداية من اختيار الموقع والتصميم والبناء والتشغيل والسلامة والاستعداد للطوارئ.
اعتمدت هذه الاتفاقية في مؤتمر دبلوماسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية بفيينا في 17 يونيو 1994، وافتتح باب التوقيع عليها في 20 سبتمبر 1994 ووقعت في نهاية المطاف من قبل 55 دولة.
دخلت الاتفاقية حيز التنفيذ في 24 أكتوبر 1996 بعد ان تم التصديق عليها من قبل 22 دولة، بالإضافة إلى الجماعة الأوروبية للطاقة الذرية.
وهناك العديد من الدول التي تستخدم الطاقة النووية فى التطبيقات السلمية ( الصناعة – الزراعة –الطب- المياه ) و لديها مؤسسات متخصصة تشرف على السلامة النووية وتنظمها.
وينظم السلامة النووية في الولايات المتحدة اللجنة التنظيمية النووية وهناك العديد من الوكالات تعمل من أجل السلامة النووية على سبيل المثال وليس الحصر: لجنة السلامة النووية الكندية& معهد الحماية الإشعاعية في أيرلندا وغيرهم ..
وفى مصر تحديدا يوجد مفاعلين تم بنائهم للاغراض البحثية وقدرتهم 2.5 ميجاوات & 22.5 ميجاوات.
كما يتم الان دراسة موقع الضبعة لإنشاء اول مفاعل لتوليد الطاقة الكهربية بقدرة 1200 ميجاوات لكل وحدة وتتخذ به كافة التدابير المنصوص عليها دوليا واللازمة وايضا تطبيق كل الاحتياطات و المعايير اللازمة وخطط الطوارئ لحماية العاملين والبيئة من اى حوادث اشعاعية قد تنجم اثناء التشغيل او فى المستقبل ..
معايير السلامة الأكثر صرامة
هناك حاجة إلى معايير أكثر صرامة للسلامة النووية وتم اقتراح ستة مجالات رئيسية للتحسين:
- يجب على المشغلين التخطيط للأحداث خارج قواعد التصميم (مثل الزلازل – الفيضانات..الخ)- معايير أكثر صرامة لحماية المنشآت النووية من التخريب الإرهابي.
- استجابة دولية أقوى في حالات الطوارئ.
- استعراضات دولية للأمن والسلامة.
- معايير دولية ملزمة بشأن السلامة والأمن.
- التعاون الدولي لضمان الفعالية التنظيمية.
كما يجب زيادة حماية المواقع النووية الساحلية من ارتفاع منسوب مياه البحر والعواصف والفيضانات.
ثقافة الأمان النووى
إن مفهوم ثقافة الأمان قد تم تعريفه و التركيز عليه من قبل المجموعة الاستشارية الدولية للسلامة النووية في تقريرها الموجز والصادر بعد حادثة تشيرنوبيل في عام 1986، حيث تم عمل تقييم شامل لثقافة السلامة النووية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهذا التقييم يشمل عمليات متعددة من فرق متابعة ومراجعة لتقييم ثقافة السلامة التي تركز اساسا على السلوك البشري يليه مرحلة التطوير للبرنامج لتحسين مستوى ثقافة السلامة في أى منظمة أو هيئة ...الخ ..إن عمليات الدروس المستفادة من الحوادث النووية السابقة واهميتها فى تطوير الاداء البشري لتلافى تكرار حدوث هذه الحوادث مرة اخرى هو الهدف الرئيسى لتطوير هذا النوع من ثقافة السلامة النووية.
إن مصطلح " ثقافة السلامة " والذى ظهر بعد الحوادث السابقة هم أيضا مرتبطين بثقافة السلامة النووية خاصة بعد حادثة فوكوشيما 2011، وفي هذا السياق يجب وضع الدروس المستفادة من الحوادث الماضية نصب أعيننا والتأكيد على نشر ثقاف الأمان النووى والسلامة و التي تروج لها الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتواجه اليوم العديد من الهيئات النووية التحديات الجديدة التى تتطلب ان تكون قادرة على التغيير والتحسين المستمر من اجل البقاء فى بيئة اكثر تنافسية لتحقيق النتائج المرجوة من هذه الثقافة ..
إنه من الضرورى النظر و الإستفادة فى استراتيجيات المنظمات و الهيئات وطريقة تنفيذ نظم الإدارة والتى تؤثر بطريقة فعالة على الاداء وفهم هذا النوع من الثقافة ،، فهناك تنوع كبير بين المنظمات في فهمهم لمفهوم ثقافة الامان النووى و الإجراءات اللازمة للتأثير على منظومة العمل بطريقة إيجابية...
ولذلك وضعت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعريف واضح لثقافة السلامة و الذى ينص على ابراز خصائص المنظمات والهيئات و الأفراد للعاملين فى هذا المجال والتى من اهم اولوياتها واهتماماتها القصوى الحماية والسلامة ,, لأنه من الصعب تغير اذهان العامليين ولكن من الاسهل تغيير شروط العمل ....
والتى بدونها لا يمكن تحقيق التغييرات اللازم للوصول الى ثقافة الامن و السلامة ,
إن بناء هذه الثقافة داخل المنظمات و الهيئات تعد واحدة من مبادئ الإدارة الأساسية اللازمة للتشغيل الآمن للمنشأة النووية ويظهر ذلك جليا من المواقف وسلوكيات والتزام العامليين على جميع المستويات .
ونجد أنه من الضرورى ايضا الإهتمام بنشر ثقافة الوقاية من الإشعاع , فهو مبدأ عام يهم جميع العامليين وغير العاملين بالاضافة الى الرأى العام حول ما يجب ان تكون هذه الثقافة ..
إن هذا النوع من الثقافة يظهر فى التصرفات الاساسية من الإلتزام الجماعى من القيادات والافراد عامة لتأكيد السلامة فى الحياة للإنسان و البيئة..
إنّ نشر ثقافة السّلامة فى المجال النووى بين الناس يحتاج من الجميع توحيد الصفوف ويتمّ ذلك أولاً بتربية النشىء الجديد على القيم والمبادئ الاساسية فى النظام والسلامة النووية وتغيير منهجية التفكير واستغلال التعليم في ذلك..
ويجب تفعيل دور وسائل الإعلام المختلفة، ووسائل التقنيات الحديثة، وشبكات الإنترنت، ووسائل التواصل الاجتماعيّ التي تغلغلت في سائر نواحي الحياة المختلفة، والتي تُعدّ شديدة الصّلة بالفئات العمرية المختلفة ..
ومن جانب آخر، فإنّ على قادة الرأي العام والعلماء من ذوي الاختصاص فى هذا المجال دعوة الناس لحضور ندوات او ورش عمل مرئية لتبسيط العلوم النووية وبث ثقافة الامان فى المجال النووى لنشر العلم والثقافة اولا وايضا نشر الطمأنينة للجميع والتى سوف ينجم عنها أن نصبح من الدول المتقدمة فى هذا المجال الهام التى تسعى له جميع الدول لتوفير الطاقة للأجيال القادمة ...
وهناك العديد من الثقافات المندثرة أو الغائبة عنا جميعا و التى يجب علينا أن نسعى الي أن نبرزها ونؤكد عليها لإحيائها وننشرها مرة أخري ( مثل ثقافة الاهتمام والحفاظ على البيئة &ثقافة الترشيد فى الطاقة ...الخ )
فلنساهم جميعا فى نشر هذه الثقافات ..
انتظرونى فى المقال القادم باذن الله
إعداد وتقديم
أ.د.وفاء محمد محمد مصطفى
الشكر للدكتورة / وفاء ... مقالة جيدة ،
ردحذف