القائمة الرئيسية

الصفحات

تاريخ الأسواق العربية ومراكز التسوق الحديثة (مقالة بحثية متخصصة)

 

تاريخ الأسواق العربية ومراكز التسوق الحديثة

                                                                       المهندس / خليل رشاد علي

                                                                                                  خبير التحكم البيئي والنشاط البشري

                                                                                                               استشاري معماري

                                                                              الرئيس التنفيذي لشركة إيثونوميكا7 – للتنمية الحضرية البيئية

                                                                                                                  برلين - القاهرة

المقدمة :

منذ حوالي ثلاثة عقود تقريبا بدأت المراكز التجارية المجمعة - على اختلاف أنواعها ومساحاتها - بالانتشار في أغلب المدن العربية ، ويعتقد الكثيرون بأنها ظاهرة دخيلة على النسيج العمراني والمعماري والسلوك الاجتماعي للبيئة العربية ، وردت لها من العالم الغربي كظاهرة من مظاهر التفاعل والتبادل الحضاري وما يطلق عليه بمصطلح العولمة ، وإن كانت الحقيقة والوقائع والتاريخ الإنساني للدول العربية تشير إلى أنها في الأساس ظاهرة أسلوب اجتماعي تجاري ، أرسي العرب قواعده قبل الإسلام ، ثم نظمه الإسلام ووضع له قواعد وأسس التعامل والإدارة الجميع المتعاملين معه من زوار وتجار ومشترين ، منذ لحظة دخول السوق (دعاء دخول السوق) ومن ثم آداب التعامل بين جميع الأطراف ، بكل ما تحمله الشريعة الإسلامية السمحة من قواعد تجارية وأخلاقية مثل البشاشة والتسامح وعدم الغش والعقود وحفظ الأمانات وتوثيق الدين والمشاركة والمرابحة وغيرها كثير .. وأخذت الأسواق العربية الإسلامية (المفتوحة والمغلقة) أشكالا ومسميات عدة أطلقت على الأسواق المتنوعة والمتخصصة (مثل: سوق الذهب والنحاسين بكثير من المدن العربية والقطن والليمون بالقاهرة ، وكانت هناك التكايا والوكالات والسمسرات ، ولازالت تلك الأسواق وأساليبها وأشكالها قائمة ومتوارثة في الكثير من القرى - غالبا - بشكل أسبوعي ، حيث تقام تلك الأسواق الموسمية في ساحة القرية حيث تتم عمليات الشراء والبيع والمقايضة لكافة السلع المنقولة والثابتة والبضائع على اختلاف أنواعها ، ولا تتوقف تلك المعاملات على التجار فقط ، بل تشمل كافة المواطنين وكل من يرغب في بيع بعضا مما يمتلكه للاستغناء أو للضرورة. ومراكز التسوق الحديثة التي بدأت في الانتشار ، وبالرغم من الصبغة الغربية التي شكلت عمارتها الداخلية والخارجية وتجهيزاتها ، وحتى أسلوب إدارتها ، وتنوع وتباين بضائعها وموادها ، إلا أن السلوك الإنساني العربي والثقافي يعيد صياغة تلك المنشآت بفرض حاجاته وعاداته التسويقية من خلال تعامله مع تلك المراكز ، فينتج عن هذا التفاعل الإنساني بيئة عربية خالصة من خلال الروائح المميزة وأسلوب التنقل والاختيار ، بما يفرض وضع معايير تصميمية وتخطيطية تتواءم وهذه السلوكيات والثقافات المتوارثة والراسخة والتي أرسى قواعدها تاريخ طويل وعريق وصقل الإسلام بنيتها الأخلاقية والسلوكية للمواطن العربي ، ولن يتحقق ذلك إلا بانتهاج سبيلا جديدا يمتد عبر التاريخ العربي والإسلامي ، راصدا للتطور الحضاري والتغير الاجتماعي المحدد بالثوابت التي تحكم حياة المواطن العربي ، وهذا النهج سيتيح لنا كمعماريين ومخططين - وأيضا للمستثمرين - أن نتتبع ونفهم ونستوعب التفاعل فيما بين الاستمرار والتغير في تاريخ تطور الأسواق بكافة أنواعها وصولا إلى الشكل الذي أصبح عليه الآن المركز التجاري المجمع ، وهذا السبيل يمكن أن نسميه (ملازمة الوقائع الذي يقوم على فصل النواة الأساسية للثقافة والتكوين العربي الإسلامي ، وملاحظة تأثر تلك النواة بما طرأ عليها من مؤثرات ، ودرجة هذا التأثير هي مقياس التفاعل بين الاستمرار والتغير الذي يصل بالتصميم والتخطيط للمراكز التجارية أو الأسواق العامة إلى شكل جديد يتوافق مع - ويحترم - التكوين الإنساني العربي والإسلامي المتحضر ، وأن توضع أسس معمارية وفنية واجتماعية وبيئية ترسم شكلا جديدا لها تمثل التواصل المستمر للتطور في إطار ما نشأ عليه الإنسان العربي ويلتزم به كل من المستثمر والمهندس والجهات المنظمة .

تاريخ وتطور الأسواق العربية :

نشأة الأسواق العربية والإسلامية :

لا يوجد توثيق يحدد بدقة تاريخ نشأة الأسواق في حياة الإنسان ، فقد بينت آثار الحضارات المتتابعة وجود أسواق منظمة داخلية وخارجية وحركة القوافل البرية والبحرية ، وإن كان يمكن القول بأن الأسواق قد ظهرت مع ظهور أول مجتمعات بشرية ، وتسيد ظاهرة التملك والاقتناء لدى الإنسان وبدء عملية تنظيم الحاجة إلى الغذاء والكساء. . نشأت الأسواق في المدينة الإسلامية في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما أنشأ سوقا عامة بالمدينة المنورة تكفي المسلمین حاجاتهم وتجنبهم الأذى الذي كانوا يتعرضون له في أسواق اليهود بها ، وكان السوق عبارة عن ساحة فضاء على شكل مستطيل خالية من البناء ، يسمح لكل الناس باستغلالها في التعامل التجاري باعتبار أن المكان لمن سبق إليه ولا يؤخذ من التجار أي أجر نظير استغلالهم أرض السوق ، 

نشأة الأسواق العربية والإسلامية

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هذا سوقكم فلا يضيق ولا يؤخذ فيه خراج. وظلت هذه سنة تخطيط الأسواق في عهد الخلافة الراشدة ، فأنشئت - على سبيل المثال - في المدن الناشئة الكوفة والبصرة والفسطاط أسواق بهيئة مماثلة كانت غالبا بجوار المسجد الجامع (۲) . وكان إنشاء الأسواق هو مسؤولية الدولة ، أو أن تقوم الدولة ببعض المنشآت ويتولى التجار إنشاء مبانيهم الخاصة بتجارتهم (مثل ما حدث بسوق الفسطاط) وينمو السوق تدريجيا في الإطار المساحي والتخطيطي المحدد له ، وأصبح للأسواق تنظيم إداري وحكومي بعد ما أصبحت مصدرا هاما للدخل والتبادل التجاري وتوثيق العلاقات بين الدول وبعضها.

معايير التصميم المعماري والتخطيط للأسواق العربية عبر التاريخ :

 كانت عملية التصميم والتخطيط للأسواق والمتاجر ملتزمة بأمانة ودقة بكل ما يمكن أن يؤثر فيها من حيث حاجات الناس وطبيعة هذا السوق والمواد والسلع التي يتعامل معها واستمراريته الزمنية وعادات وتقاليد الناس والبيئة المحيطة ، والكثير من العوامل الأخرى التي تحكم دقة اختيار المكان ودقة التصميم لأداء وظيفته بلا خلل. ونسوق بعضا من هذه المعايير الهامة والتي أهملت تماما ولا يؤخذ بها في تصميم وتخطيط المجمعات التجارية الحديثة الآن.

- احترام المساكن والأنشطة الإنسانية المحيطة بالسوق : كان هناك احترام للمساكن أو المنشآت غير التجارية المجاورة للسوق أو المركز التجاري ، وكانت هناك قيود شرعية واجتماعية ، وورد في كتاب (الإعلان بأحكام البنيان) (م) : اتضح من دراسة أحكام الفقهاء المنظمة لإنشاء الحوانيت ، أن كشف الحوانيت كان أشد ضررا من كشف التكوينات المعمارية الأخرى لملازمة أصحابها لها ، ولورود المتعاملين إليها طوال فترات عملها ، بل أنها تكون عادة مواضع جلوس بعض الناس عند هذه الحوانيت ، ولذلك كانت الحساسية شديدة تجاه فتح الحوانيت في مقابلة الدور لاسيما في الطرق الضيقة ، وأثر منع إنشاء وانعدام مثل هذه التكوينات في الطرق غير النافذة ومقاومتها في الطرق الضيقة - من جهة السكان المجاورين لها - في تحديد اختيار مواضع الحوانيت بالنسبة للتكوينات الأخرى للمستوطن ، وهو اختيار ارتبط بعوامل أخرى أهمها تصنيف الأسواق والتجارات تصنيفا يمنع تضرر بعضها من بعض ، كما أنه اختيار تأثر من جهة أخرى برغبة التاجر من أن يكون حانوته في موضع يسهل التوصل له ليزداد رواده وتروج تجارته وأدى تفاعل هذه العوامل المختلفة إلى اتجاه إنشاء الحوانيت في مواضع خاصة متميزة تحقق هذه الأغراض النفعية المختلفة فأنشئت الأسواق بما تتضمنه من حوانيت ومنشآت تجارية أخرى في المنطقة المجاورة للمسجد الجامع الذي كان يمثل غالبا النواة المركزية للمستوطن ، وتمتد على جانبي الشوارع الرئيسية في اتجاه الأطراف الخارجية ، ورتبت الأسواق ترتيبا خاصا يمنع تضرر التجارات من بعضها ويسهل التعامل التجاري بين التجار والعامة في أقصر وقت وبأقل جهد ، وتمثلت هذه الظاهرة بوضوح في المدن الكبيرة التي ازدهر بها النشاط التجاري. ومن المهم أن نبرز أثر أحكام الفقهاء الخاصة بإنشاء الحوانيت على عمارة المنشآت التجارية في المستوطنات الإسلامية باعتباره مدخلا مهما لفهم أسس توزيع هذه المنشآت بين تكوينات المستوطن وتحليل عمارتها تحليلا معماريا سليما.

المعايير التصميمية : إن الطابع المعماري على مر العصور كان دائما انعكاسا صادقا للبيئة الحضارية التي كانت تسود في كل مرحلة من المراحل التاريخية المتلاحقة ، وهذه الحضارة ليست إلا نتيجة لتفاعلات كثيرة بين العوامل الدينية والاجتماعية والثقافية وغيرها من المؤثرات التي تطبع كل مجتمع بطابع خاص يختلف من عصر لآخر . وفي العصر الأموي حدث تطور آخر في عمارة الأسواق سایر التطور في حياة المدن والمستوطنات الإسلامية الأخرى ، وتمثل في بناء هذه الأسواق بناء معماريا عبارة عن مجموعات من الحوانيت تطل على ساحة وسطية مكشوفة وتؤدي إلى الساحة أبواب يصل منها الناس إلى حوانيت التجار التي تفتح على هذه الساحة وظهورها على الخارج ، وبنوا فوقها طوابق للسكنى وأجروا هذه المنشآت للتجار فأصبحت تمثل موردا ماليا للدولة ، وسهل ذلك أيضا على الدولة مباشرة ومراقبة هذه الأسواق ، وقد انتشر هذا النمط من المنشآت التجارية في المدن التي ازدحم عمرانها كالمدينة المنورة والبصرة والكوفة والفسطاط ، وفي المدن التي أنشأها الأمويون كالقيروان وواسط خصصت مواضع خاصة للأسواق بنيت بها صفوف الحوانيت التي تفصل بينها طرقات فشكلت هذه الصفوف من الحوانيت بسقائفها التي تتقدمها لحماية المعروضات النمط الآخر من أنماط التكوينات المعمارية التجارية . ومع ازدياد النمو المعماري للمدن زادت الحاجة إلى إنشاء الأسواق وسط التكوينات السكنية فاستبدلت بعض الدور والمباني الأخرى بمنشآت تجارية وسميت " قیاسر" لتفي بحاجة مجتمع المدينة وفي مرحلة مبكرة من حياة المدن الإسلامية واءم المعماريون بين إنشاء المنشآت التجارية وبين ضرر کشف الدور المجاورة . وتكشف الأمثلة المبكرة للقيساريات الأموية في المدن عن هذه المواءمة فقد انشئت القياسر محاطة بالتكوينات المعمارية السكنية في المدينة المنورة والبصرة والكوفة والفسطاط ، ومن هذه القياسر ما حل محل تكوينات معمارية أخرى ووجه تخطيطها توجيها معينا يسهل اتصالها بالطرق التي تمثل شرايين الاتصال بين تكوينات المدينة ، وفي ذلك ، ما يشير إلى تكيف هذا النمط من المنشآت التجارية المحدثة مع تكوينات سكنية سابقة عليها تكيفا يحقق منفعة للمجاورات السكنية دون التسبب في أي ضرر لها وبخاصة ضرر الكشف الذي كفل منعه تصميم القيسارية على هيئة حوانيت تفتح على صحن في الوسط يؤدي إليه مدخل أو أكثر وظهور الحوانيت إلى الخارج ، وبذلك يتم حصر النشاط التجاري داخل القيسارية بهيئة تصبح معها القيسارية كأنها تكوين معماري سكني مجاور بعد هذا العزل الذي كفله هذا التصميم واستمر هذا التخطيط متبعا في نوعيات المنشآت التجارية المشابهة كالوكالات والخانات والفنادق حتى نهاية العصر العثماني ، وانتشر بناء هذه المنشآت في الطرق الفرعية الضيقة ، بل أنه رغبة في تعميق المناطق التجارية على جوانب الشوارع الرئيسية التي عادة ما اصطفت بها الحوانيت ، حلت القيساريات والوكالات والخانات والفنادق - أحيانا - محل هذه الحوانيت والتكوينات الأخرى خلفها وتضمنت التكوينات التجارية الجديدة صف من الحوانيت في واجهاتها الخارجية المطلة على الشارع بينها باب أو أكثر يؤدي إلى صحن داخلي تحيط به من جوانبه الأربع سلسلة من الحوانيت ، ويعني ذلك أن هناك من القيساريات ما تضمنت في القطاع المطل على الشارع صفين من الحوانيت ظهر كل منها في ظهر الآخر وواجهة احدهما تطل على الشارع وواجهة الأخر تطل على الصحن الداخلي . وهناك أمثلة عديدة من القياسر المملوكية التي أنشئت بهذه الطريقة في مدينة القاهرة منها ما بقيت أمثلته ومنها ما درس وتحفظ وثائق الوقف المملوكية والعثمانية بأوصافه التي تؤكد هذا التطبيق .

وغالبا ما أدت زيادة عمران المدينة وزيادة الحاجة إلى المنشآت التجارية واتجاه الاستثمار إلى بناء العقارات التجارية إلى الزحف على المناطق السكنية المجاورة للشوارع التجارية الرئيسية والطرق الثانوية المتفرعة عنها ، فيزداد التسارع إلى استبدال التكوينات المعمارية السكنية وغيرها بتكوينات تجارية فتتحول المنطقة كلها إلى أسواق تجارية . وفي إطار تصنيف الأسواق حسب التجارات والحرف المختلفة كان الامتداد العمراني التجاري الجديد إمتدادا لتصنيف الأسواق القديمة مع الشوارع الرئيسية ، وربما اتخذ هيئة جديدة واعتبرت القيسارية أو الوكالة سوقا مستقلة متخصصة غير مرتبطة بما جاورها من تجارات لامتناع حدوث الضرر الذي يكفله استقلالية التكوين المعماري للقيسارية . وتعتبر مدينة القاهرة وما حدث بها من تحولات وتغيرات في وظائف تكويناتها المعمارية في المنطقة التجارية المحيطة بقصبتها خير مثال على ذلك . وحتى يسهل الارتفاق بالامتداد في الطرق الجانبية التي ربما يكون منها ما هو غير نافذ ، واستغلالا للمساحات الصغيرة استغلالا مثمرا ظهر الاتجاه إلى تكثيف إنشاء الحوانيت في مناطق تجارية وأسواق موازية للشوارع الرئيسية أطلق عليها " مربعات" حيث أنه يتوصل إليها من طريق يتفرع من الشارع الأعظم تبنى على جانبيه الحوانيت ثم يدور الطريق في تربيعة حيث ينعطف من الاتجاه العمودي على الشارع الأعظم إلى اتجاه موازي له ، ثم ينعطف في اتجاه عمودي على الشارع الأعظم مرة أخرى إلى أن يتصل به ، ومع امتداد الشارع الأعظم يمكن أن تتكرر التربيعة ، ويتخذ تكوين هذه المربعات أو التربيعات هيئة كتلة معمارية تضم مجموعة من الحوانيت ظهورها إلى الداخل وتطل جميعها على الطريق التي تحيط بها من الجوانب الأربعة مقابلة أيضا لصفوف من الحوانيت على الجوانب الأخرى لهذا الطريق . وقد انتشرت نماذج هذه التربيعات في المدن الإسلامية كالموصل والقاهرة : التي تحتفظ الوثائق بأوصاف نماذج جيدة منها تربيعة جاني بك بحي الوراقين والتي أنشأها جاني بك بن عبد الله الأشرفي دويدار السلطان الأشرف برسباي والت في النهاية إلى السلطان الغوري بالشراء ووقفها ضمن أوقافه على منشآته بالغورية بالقاهرة . .وقد استغلت الامتدادات الرئيسية لهذه المنشآت التجارية في بناء وحدات سكنية للتجار وأهل الحرف يقيمون فيها بعائلاتهم ، وروعي في تصميمها ألا تتعرض لضرر الكشف من العامة وأصحاب الحوانيت أسفلها ، فعملت لها مداخل مستقلة تؤدي إلى درج صاعد ينتهي إلى ممر تفتح عليه أبواب الوحدات المتراصة ، وتشتمل كل وحدة سكنية على طابقين الطابق الأول عبارة عن قاعدة استقبال ودورة مياه تمكن للتاجر أو الساكن أن يستقبل فيها ضيوفه ، والطابق العلوي عبارة عن حجرات نوم ومعيشة أفراد أسرته ويصعد إليها من درج داخلي مستقل ، وتطل هذه الوحدات على صحن المنشأة أو على الخارج من خلال نوافذ تتقدمها مشربيات واقية ، ومن أمثلة ذلك ما نراه في وكالة قايتباي بباب النصر ووكالة الغوري وخان الزركشة بالقاهرة وغيرها.

المعايير التصميمية

وفي بعض المدن توفرت المساحات لإنشاء أسواق عبارة عن صفوف من الحوانيت تطل على ممرات تفصل بينها وتتصل اتصالا سهلا ببقية شوارع المدينة ونرى ذلك في مدينة حلب وفي القيروان وفاس وتونس وغيرها ، وفي المدن الصغيرة جری تخصيص موضع للسوق بجوار المسجد الجامع ياخذ هيئة الحوانيت المطلة على مساحة الجامع أو يشغل مساحة محدودة يتوسطها شارع على جانبيه الحوانيت التي تقدمها البوائك للتظليل ، وبذلك يتحقق عزل السوق عن المناطق السكنية في المستوطن  ، ومن أمثلة ذلك ما نراه في مدن صعيد مصر حيث تتركز الأسواق في منطقة رئيسية في المدينة تكون غالبا في الوسط يطلق عليها القيسارية وهي عبارة عن شارع يصطف على جانبيه الحوانيت والوكالات والقيساريات المتخصصة في تجارات متنوعة ونرى أمثلة واضحة لذلك في أسيوط وسوهاج وجرجا وغيرها ، وفي نمط مشابه نرى أسواق مدن نجد بالسعودية كالرياض وعنيزة وبريده وغيرها.

المعايير التصميمية
المعايير البيئية والمناخية في التصميم :

وعلى نفس الأسس والقواعد المناخية والبيئية التي اتبعت في المباني السكنية الملائمة لمناخ المناطق الحارة الجافة (التي تغلب على البيئة العربية) ، بالإضافة إلى تحقيقها للمتطلبات الاجتماعية والحياتية ، تم التعامل مع المباني العامة ، فكانت عناصر هذه المباني تتجمع حول الفناء أو مجموعة افنية حسب ما يتضمنه المبنى من عناصر وما تحكمه الحركة الداخلية والخارجية وطبيعة الموقع الذي يشغله ، فأمنت التهوية والإضاءة الطبيعية ، وهذا ما ينطبق على الأسواق والمجمعات التجارية ، فكانت الممرات بتلك الأسواق والتي تربط بين جميع المحلات وباقي العناصر تغطى بطرق إنشائية مختلفة - إلا من بعض الفتحات العلوية التأمين الإنارة الطبيعية والتخلص من الهواء الساخن بتلك الفراغات – لحماية الرواد من أشعة الشمس المحرقة خلال ساعات النهار وتشجيعهم على الحركة في حرية تامة في جو مريح بدرجة الحرارة المعتدلة ونسبة الرطوبة المقبولة مما يكون له انعكاس طيب على حركة التعامل التجاري ، والأمثلة متعددة في كثير من المدن العربية لمثل هذه الأسواق القديمة التي لا تزال تجتذب الكثير من الرواد حتى عصرنا هذا ، ومقارنة بالمجمعات

البيئية والمناخية في التصميم
اما بالمدينة العربية التجارية الحديثة لا نجد للفناء الداخلى أهمية مناخية أو بيئية وإنما لها أهمية تجارية حيث تتجمع فيها وسائل الاتصال من مصاعد زجاجية وسلالم كهربائية متحركة وعربات الوجبات السريعة ، وإذا ما انقطع التيار الكهربي تحولت تلك الأسواق الحديثة إلى كارثة معمارية بشرية من خلال الظلام الذي يحيط بكل الفراغات المعمارية ويتخبط الجمهور في سواد دامس ، وتوقف أجهزة التهوية والتكييف ، مما يدفع بالمصمم بتكثيف استخدام المولدات ووحدات التشغيل للطوارئ والتي تكلف المالك مبالغ ضخمة . كانت العلاقة بين عناصر المبنى والشوارع التي تحده علاقة ثانوية بوجه عام ، حيث كانت هذه العناصر تنفتح على الداخل حول فناء يؤمن التهوية والإضاءة الطبيعية اللازمة لها ، بالإضافة إلى حصر الضوضاء وتحقيق الهدوء من الداخل إلى الخارج أو العكس ، تاركة بذلك الحوائط الخارجية على هذه الشوارع صماء في معظمها إلا من بعض الفتحات الصغيرة خاصة بالطابق الأرضي بهدف تأمين الخصوصية إلى جانب الحماية من مضاعفات الأشعة الشمسية المنعكسة . إن أساسيات النسيج العمراني للمدينة العربية هو المبنى الواحد كعنصر ومن ثم النسيج العمراني المتضام (Compact) في تجميع المباني بما يقلل من تعرض الأسطح الخارجية لهذه المباني الأشعة الشمس المحرقة كما أدى إلى تظليل المباني بعضها البعض ومن ثم أصبحت الطاقة الحرارية النافذة إلى داخل المبنى محدودة . مع حماية المشاة من أشعة الشمس أثناء تنقلهم بين الأجزاء المختلفة للمدينة نهارا ، وذلك بسبب تظليل الممرات نتيجة لضيقها وما بها من إنحناءات كثيرة علاوة على التغطية الكلية لبعض أجزائها بالمباني أو جزئيا لما لواجهاتها من بروزات كثيرة على هذه الممرات. إن هذه الطبيعة المتعرجة لشبكة الطرق ينتج عنها من الناحية المناخية - علاوة على فائدة التظليل - إعاقة حركة الرياح المحملة بالأتربة والرمال خلال المدينة فضلا عن الحد من سرعتها ، وبالتالي الاحتفاظ بالهواء البارد الذي تجمع في شوارع المدينة أثناء الليل لفترات طويلة خلال ساعات النهار مما يساعد على تلطيف درجة الحرارة بهذه الفراغات .

تخطيط الأسواق ومنع ضرر الكشف وضبط السلوك الاجتماعي :

وهذه الحلول المعمارية المتنوعة للمنشآت التجارية تكشف عن أثر احكام الفقهاء الخاصة بمنع ضرر کشف الحوانيت في تحديد مواضع المنشآت التجارية وتخطيطها وتوجيهها توجيها يحقق منع ضرر الكشف للتكوينات السكنية ، وتلازم ذلك مع أحكام ضرر الكشف والتخطيط الداخلي للدور ، ففي إطار التحقيق المتكامل لمنع ضرر الكشف باتت الحاجة ملحة إلى وقاية أهل الدار من عيون زائريها من الغرباء عند استقبالهم ضيوفا ومن ثم وجه تخطيط الدار الداخلي توجيها خاصا يحقق هذه الوقاية ويبدأ هذا التوجيه من المدخل الذي جرت العادة بتنحيته عن باب الدار المقابلة أو تحييد باب الدار المقابلة إذا كانت أحدث ثم في تصميم المدخل المؤدي إلى فناء الدار في هيئة منكسرة لا تمكن من الباب الخارجي من رؤية من بالداخل في الفناء وتعطي فرصة لمن بالفناء من أن يحجب نفسه عن عيون الداخلين إلى الدار ، مثل هذا التكوين المعماري للمبنى كان له خلفية إجتماعية ودينية ، فالأسرة في هذا المجتمع الحضاري كانت تعتبر الوحدة الإجتماعية الأساسية ، كما كان الفرد في هذه الأسرة يشعر بانتمائه القوي للأمة بمثل إنتمائه العضوي إلى أسرته ، وتوافق هذا غاية الموافقة مع تأمين النساء اللائي يذهبن غالبا إلى الأسواق لشراء حاجياتهن فهي عادة في الشوارع الرئيسية أو في شوارع ثانوية متفرعة عنها تتراص على جوانبها الحوانيت بطريقة مكثفة تسهل رقابة المحتسب ومعاونيه لكل ما يدور فيها مراقبة تكفل منع ضرر التعرض للنساء بسوء من قبل المشاغبين الذين ربما تسول لهم أنفسهم عمل مخل بالآداب الإسلامية - وهذا ما نلاحظه حاليا في المجمعات التجارية الكبرى من خلال وجود رجال الأمن الخاص بالمراقبة الصارمة والتي تصل إلى حد منع دخول الشباب في أيام المواسم والأعياد والازدحام في بعض المدن العربية. ووظيفة المحتسب بدأت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكانت مهمته مراقبة نوعية البضائع والتأكد من أن عمليات البيع والشراء تتم حسب الشريعة والأصول ، ثم تطورت إلى التأكد من أن البائعين أو العاملين بالحرفة نفسها يجتمعون في حارة واحدة تعرف بتجارتهم فيسهلون بذلك الأمر على زبائنهم وتروج تجارتهم ، أما الذين تستدعی حرفهم النار مثل الخبازين والحدادين فكانوا يبتعدون عن بائعي العطور والمنسوجات وأمثالهم حفاظا على السلامة . وبالرغم من هذا الإحساس عند الفرد بانتمائه العام والخاص إلا أن الفصل بين ممارسته لكل من الحياة الخاصة والعامة كان مطلبا اجتماعيا أدى إلى الأخذ بفكرة تجميع الوحدات السكنية بالمبنى حول فناء داخلي أو مجموعة منها مع فصلها عما يدور حولها من نشاط بواسطة الحوائط الخارجية الصماء في معظمها ، مما أدى إلى تأمين قدسية الحياة الخاصة وممارسة أفراد الأسرة لها في حرية تامة ، وكان ذلك الأساس أيضا الذي وضع لتصميم الأسواق والذي حقق هذه الأهداف من حيث فصل أو تجميع الأنشطة والانتماء للمهنة بين أربابها . استعمل السرداب في كثير من المباني وهو حجرة أو مجموعة من الحجرات تبنى أسفل حجرات الدور الأرضي أو أسفل الفناء وتأخذ إضاعتها الطبيعية عن طريق فتحات علوية في الفناء أما تهويتها فتتم عن طريق الملقف ، ويمتاز هذا الحيز بكونه أكثر الأماكن رطوبة واقلها حرارة في المبني خاصة وقت الظهيرة ومن ثم كان السكان يجتمعون فيه خلال هذه الفترة الحارة لأخذ قسط من الراحة في جو مريح (۳) . وبالتالي استخدم السرداب في منشآت الأسواق للتخزين والتجهيز - وهذا ما هو متبع حاليا في كثير من المجمعات التجارية - كما استخدم في البعض لإيواء الدواب الناقلة للبضائع .

السلوك النبوي الكريم في التعامل بالأسواق :

مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على صبرة طعام فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللا فقال : يا صاحب الطعام ما هذه ؟ قال : أصابته السماء يا رسول الله ، قال : أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس ؟ ثم قال : من غش فليس منا .

عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله سعر لنا ، فقال : إن الله هو المسعر القابض الباسط الرازق ، وإني أرجو أن ألقى ربي وليس أحد منكم يطلبني بمظلمة في دم ولا مال (۱)

تنوع السلع والتحكم في التصميم الداخلي :

 يعتقد الكثير من مسئولي المجمعات التجارية الحديثة بأن استيرادهم لبعض الفواكه والخضروات والبضائع من عدة دول لتلبية حاجات الجاليات المقيمة أو لتقديم نوعيات جديدة للمستهلك المحلي هو سبق تجاري وتميز ، ولكن إذا ما تتبعنا حركة الاستيراد للأسواق العربية عبر التاريخ سنجد أن ما يتم استيراده ورفد المجمعات الحديثة به لا يمثل جزء من عشرة بالمائة مما كان يرد إلى الأسواق العربية ، ويضيق المجال بسرد كافة البضائع والمواد ومصادرها التي تجاوزت الآلاف ، وفيما يلي بعضا منها (م): يجلب من الهند: البور والنمور والفيلة وجلود النمور والياقوت الأحمر والصندل الأبيض والأبنوس وجوز الهند (1) | ويجلب من الصين: الفرند والحرير والغضائر (۲) والكاغد والمداد والطواويس والبراذين الفره

--------------------------------------------------------------

(۱) قال أبو منصور الثعالبي: ولبلاد الهند من الخصائص ما لم يكن لغيرها فمنها الفيل والكركدن والبر والببغاء والطاووس والدجاج الهندي والياقوت الأحمر والصندل الأبيض والعاج والساج والتوتيا والقرنفل والسنبل و الفلفل وغيرها من العقاقير [ ثمار القلوب ۲۳ [.

(۲) الغضائر جمع غضارة هي القصعة أو الصحن الكبير ذو ساق يتخذ من خزق، وأرفع الغضائر ما يؤتى به من الصين كما نص عليه الجاحظ هنا الاشتهارها وحسن صنعتها وجودة طليها وجمال رونقها، وقال شمر : الغضار الطين الأحمر نفسه ومنه يتخذ الخزف الذي يسمى الغضار. وقال ابن درید فأما الغضارة التي تستعمل فلا أحسبها عربية محضة [ تاج العروس وغيره ].

------------------------------------------------------------------------------------------------------------

والسروج واللود والدار صيني وادراند (۳) الروم الخالص، ويجلب من أواني الفضة والذهب والدنانير الخالصة القيسرانية والعقاقير والبريون والأبرون والديباج والبراذين الفره والجواري وطرائف الشبه والأقفال المحكمة واللورا (4) ومهندسو الماء وعلماء الحراثة والأكارة وبناء الرخام والخصيان. ومن أرض العرب: الخيل العراب والنعام والنجائب والقانة (2) والأم ). ومن البربر ونواحي المغرب: النمور والقرظ () واللبود والبزاة السود. ومن اليمن: البرود والأم والزرافات والجواميس (2) والعقيق والكندر (۹) والخطر (۱۰) والورس (۱۱). ومن مصر: الحمر الهماليج (۱۲) والثياب الرقاق والقراطيس ودهن البلسان ، والزبرجد الفائق. ومن أرض خوارزم: المسك والقاقم والسمور والسنجاب والفنك وقصب الطيب. ومن سمرقند : الكاغد (۱۳) ومن بلخ ونواحيها: العنب الطيب والفوشنة (۱۶).

--------------------------------------------------------------

(4) لفظ (أدراند) هنا لا معنى له وأظنه تحريفا من الناسخ، ويظهر أنه قصد الراوند. قال مرتضى الروند الصيني وهو أنواع أربعة أعلاها الصيني ودونه الخراساني ويعرف بروند الدواب تستعمله البياطر: خشب أسود، والأطباء يزودونها ألفا فيقولون (راوند) ولفظه ليس بعربي محض [ تاج ۲: ۳۰۹ و ۳۶۰ مادة راد ] (5) كذا بالأصل ولم أر لها معنى، ولاشك أن الناسخ حرف فلم يأت باللفظ على أصله اللهم إلا أن يكون اللاذ واللذة وهي ثياب من حرير تنسج بالصين تسميها العرب والعجم اللاذ[ المخصص 4: 6٫۸] وفي القاموس اللاذة ثوب حرير أحمر ينسج بالصين. (1) الأم ج أديم، وهو الجلد المدبوغ إذا كان عليه شعره أو صوفه أو وبره. (۷) بالأصل القرض، وهو تحريف واضح وصوابه القرظ، وهو ورق السلم تدبغ به الجلود، وقيل هو السنط ويعتصر منه الأقاقيا وهو مما يتداوی به [ المعاجم اللغوية . (۸) كذا بالأصل ولا أخالها إلا الجواشن ج جوشن ، وهو الدرع من حديد ، وقال ابن سيده زرد يلبسه الصدر والحيزوم [ المحكم ، خط بالمكتبة الزيتونية في تونس . (۹) الكندر ضرب من العلك عن ابن سيده وهو اللبان عند الأطباء وغيرهم [تاج ۳: 5۲۹]. (۱۰) الخطر - بالكسر - نبات يجعل ورقه في الخضاب الأسود يختضب به ، وقال أبو حنيفة هو شبيه بالكتم وكثيرا ما ينبت معه ، واحدته خطرة [ تاج (۱۱) قال الثعالبي ومن خصائص اليمن الزرافة ، وكان الأصمعي يقول أربعة قد ملأت الدنيا ولا تكون إلا باليمن الورس و الكندر والخطي والعقيق [ كتاب ثمار القلوب 4۲۰] وقد جعل الناسخ هنا الخطي - وهي الرمح - مكان الخطر ، فلينتبه. (۱۲) على ذكر الحمير المصرية قال الأصطخري : ويمصر بغال وحمير لا يعرف في شئ من بلاد الإسلام أحسن ولا أثمن منها ، ولهم من وراء أسوان حمير صغار في مقدار الكباش معلمة تشبه البغال المعلمة ، إذا خرجت من مواضعها لم تعش ، ولهم حمير يقال لها (السملاقية) بأرض الصعيد زعموا أن أحد أبويها من الوحشي والآخر من الأهلي فهي أسير تلك الحمير (راجع مسالك الممالك ص55 وكذا أبن حوقل ص ۱۰۷). (۱۳) کاغد وكاغد وكاغذ ، لفظ صيني معرب دخل العربية بطريق الفارسي ، ولم يكن الكاغد معروفا بالمشرق في أول عهد الإسلام وإنما كانت الكتابة على القراطيس المتخذة من البردي المصري أو على الرقوق ، وأول ظهور الكاغد في الإسلام كان في سمرقند صنعه هنالك أساري من الصين أسرهم الأمير زياد بن صالح في وقعة اطلخ سنة ۱۳4 للهجرة فاتخذوه له من خرق الكتان والقنب على ما كان جار في بلادهم فقلدهم الناس من ذلك الحين وكثر صنعه في بقاع متعددة من بلاد الإسلام ، ومنها دخل إلى أوروبا واشتهر - قال أبو منصور الثعالبي: كواغد سمرقند هي من خصائصها التي عطلت قراطيس مصر والجلود التي كان الأوائل يكتبون فيها لأنها أنعم وأحسن و أرفق ، ولا تكون إلا بسمرقند والصين ثم كثرت الصنعة واستمرت العادة حتى صارت متجرا لأهل سمرقند فعم خيرها والارتفاق بها إلى جميع البلدان في الآفاق (ثمار القلوب ص 431) - وذكر المقريزي في خططه أن جعفر البرمكي هو أول من استبدل الكتابة على القراطيس بالكاغد في الدواوين (النويري ۱: ۳۹۷). أقول: ومن أشهر الصناف التي كانت تصنع قديما في العالم الإسلامي: الكاغد الفرعوني تقليدا للقراطيس المصرية المستعملة في حدود ذلك الوقت ، والكاغد السليماني نسبة إلى سليمان بن رشيد ناظر بیت المال بخراسان على عهد الخليفة هارون الرشيد ، والجعفري منسوب إلى جعفر البرمكي الوزير العباسي ، والطلحي منسوب إلى طلحة بن طاهر ثاني امراء بني طاهر ، والنوحي نسبة إلى الأمير نوع الأول من بني ساسان ، وسوى ذلك كثير ، وقد شاعت الوراقة في البلاد العربية وخصصت بدور صناعة في العراق واليمن وفارس والشام ومصر والمغرب - لا سيما في القيروان والمهدية - وفي الأندلس خصوصا بمدينة شاطبة (Xativa) و غيرها (انظر كتاب الفهرست لابن النديم ص ۲۱ وصبح الأعشى 1: 474 و 476). (14) الفوشنة ، ويسميها أبو بكر بن الفقيه الهمذاني (الخرشنة) (كتاب البلدان ص ۲۵۵) ولم نهتد إلى معرفة ماهيتها.

--------------------------------------------------------------------------------------

ومن مرو: الضرابون بالبرابط والبرابط الجياد والطنافس والثياب المروية (°). ومن جرجان: العناب والتدرج وحب الرمان الجيد واليرمق (۹) اللين والابريسم الجيد (۲). ومن آمد: الثياب الموشية والمناديل والمقارم (۱۸) الرقاق والطيالسة من الصوف. ومن الري: الخوخ والزئبق واليرمق والأسلحة والثياب الرقاق والأمشاط والقلانس الملكية والقسيات (۱۹) الكتان والرمان (۲۰). ومن أصفهان: الشهد والعسل والسفرجل والكمثري الصيني والتفاح والملح والزعفران والأشنان والأسفيذاج (۲۱) والكحل والسرور المطبقة والأثواب الجياد والشراب من الفواكه (۲۲). ومن نصيبين: الرصاص. ومن فارس: الثياب الكتان التوزي والسابري وماء الورد (۲۳) ودهن التيلوفر ودهن الياسمين والأشربة. ومن غمان وسواحل البحر: اللؤلؤ. ومن الأهواز ونواحيها: السكر والديباج الخز (14) والصاجات والرقاصات (۲۰) وأنواع التمر والدبس والقند (29).

-------------------------------------------------

(15) ثياب مرو ، قال الثعالبي: كانت العرب تسمي كل ثوب صفيق يحمل من خراسان المرو - وكل ثوب رقيق يجلب منها الشاهجاني ، لأن مرو عندهم أم خراسان ، ويقال لها مرو الشاهجان ، وقد بقي إلى الآن أسم الشاهجان على الثياب الرقيقة ، ومما تختص به مرو الثياب (الملحم) (ثمار القلوب ص ۳۱ ) - ومن ينسب إلى مرو من الرجال يقال له مروزي ومن الثياب مروی (العقد الفريد 3: ۲۰۷). أقول: والمتعارف هو أن النسبة إلى مرو الروز: مروزي ، وإلى مرور الشاهجان: مروی ، للتفريق بين المدينتين. (16) لم نقف على معنى للفظ (اليرمق) وكأنه تحريف (النرمق بالفتح ، فارسي معرب (نرمه) وهو اللين الناعم من كل شئ. ويمكن أن يكون أيضا

يلمق) ج يلامق وهو ضرب من الفراء المبطنة. (۱۷) قال الاصطخري: ويرتفع من جرجان من الأبريسم شئ كثير ، وابريسم طبرستان يحمل بزر دوده من جرجان ولا يرتفع من بزر طبرستان ابریسم ، وبجرجان الثلج والنخيل وفواكه الصرود والجروم من التين والزيتون وسائر الفواكه (الاصطخري ص ۲۳۱ وابن حوقل ص ۲۷۳) - وقال المقدسي ، ولأهل جرجان المقانع القريات تحمل إلى اليمن والعناب ، ولهم ديباج دون (أحسن التقاسيم ص ۳۹۷). (۱۸) المقارم ج مقرمة وهي الستر ، وعن ابن الإعرابي هي المحبس نفسه يقرم به الفراش ، قال: وهو ثوب من صوف فيه ألوان من عهون فإذا خيط صار كأنه بيت فهو كلة ، وقد تزين المقارم في اطرافها بالرجائز وهي نسيجة حمراء عرضها ثلاث أصابع وأربع (المخصص 4: ۷5) أقول: وقد اخذ الافرنج لفظ مقرمة عن اللغة العربية واطلقوه على نوع من الطرز يسمونه Macrame (۱۹) بالأصل: العسيات ، وعندي إنها القسيات ، نوع من الثياب كانت تجلب أولا من قس بمصر ثم أطلق الاسم على غيرها ، وقد ورد ذكرها في الحديث الشريف (راجع النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير) وقال ابن سيده: الثياب القسية تنسب إلى قس وهو موضع وهي ثياب فيها حریر تجلب من نحو مصر وقد نهى عن لبسها (المخصص : ۷۲). (۲۰) قال الثعالبي: وكان يحمل إلى السلطان مع خراج الري - وهو إثنا عشر الف الف درهم - من الرمان مائة ألف ومن الخوخ المقدد مائة ألف رطل

ثمار القلوب 4۲۸). (۲۱) الأسفيذاج ، فارسي معرب وهو نوع من الطلاء أبيض اللون شارقه ويسميه الإفرنج Blanc de ceruse وهو المعروف في تونس بالباروق ، وقد أطال ابن البيطار ذكر صنعه وتحضيره فليراجع (جامع المفردات ۱: ۳۱). (۲۲) قال الثعالبي وكان يحمل من أصبهان إلى حضرة السلطان كل سنة مع خراجها - وهو واحد و عشرون ألف ألف درهم - قدر كبير من الكحل ومن العسل ألف ألف رطل ومن الشمع عشرون ألف رطل ، وكحلها موصوف بالجودة والزعفران بها كثير (ثمار القلوب ۶۲۷). (۲۳) قال الثعالبي: جور من کور فارس مخصوصة بالورد الذي لا أطيب منه في سائر البلاد يضرب به المثل في الطيب وهو مجلوب إلى أقاصي المشرق والمغرب ، وكان يحمل من فارس إلى الخلفاء كل عام مع خراجها من ماء الورد سيعة وعشرون ألف قارورة (ثمار القلوب 4۲۷ - وراجع أيضا الاصطخري ۱۰۲ وابن حوقل ۲۱۳ والمقدسي 443) (۲۶) السكر من خواص الأهواز ومفاخرها ومتاجرها ، ولا يكون إلا بها على كثرة قصب السكر في سائر النواحي ، والمثل مضروب بسكر الأهواز كما قال أبو الطيب المتنبي " تقضم الجمر والحديد الأعادي دونه قضم سكر الأهواز" ، وكان يحمل إلى الخلفاء كل عام مع خراج الأهواز - وهو خمسة وعشرون ألف درهم - ثلاثون ألف رطل من السكر ، ومما ينسب إلى الأهواز من النفائس دیباج تسر وخز السوس (ثمار القلوب ۲۹}). (۲۰) حصل هنا ترهل عطل قراءة بعض الكلمات ، أما لفظ (الصناجات) الواردة بالأصل فأظنها تحريفا من الناسخ ولا أخالها إلا (النصاحات) وهي الجلود واحدتها نصاحة (راجع المخصص 4: ۱۰۱) - وكذا قوله (الرقاصات) فهي عندي (الطراحات) ج طراحة وهي مقاعد صغيرة مربعة تطرح في البيوت . (36) القند و القندة ، معرب گند" وهو عصارة أو عسل قصب السكر إذا جمد وهو المعروف عند الأطباء بسكر النبات ويسميه الإفرنج Sucre candi أي سكر مربی.

------------------------------------------------------------------------------------------------

وكانت هذه البضائع والسلع ترد إلى الأسواق العربية المغلقة والمفتوحة بشكلها الطبيعي دون مواد حفظ صناعية أو تغليف يفقدها قيمتها ، وكانت كل سلعة تعرض في مكان ملائم ومخصص لشكلها وحجمها ونوعها وبالتالي تتباين المساحات والفراغات الخاصة بالتخزين أو العرض ، وأماكن التجهيز للعرض المناسب والبيع ، كما وجدت مساحات مخصصة للتعبئة أو الكيل والوزن ، وكانت نوعية تلك البضائع تتحكم في تشكيل الأسواق العربية سواء معماريا أو تخطيطيا أيضا . وغالبا ما كانت الأسواق متخصصة في بضائع وسلع محددة ، ولازال هذا النظام متبع في بعض المدن العربية التاريخية ، فهناك مثلا سوق الصفافير في بغداد ويختص بصناعات النحاسيات حيث ينتشر الضجيج ويرتكز في منطقة واحدة ، ونفس الشئ بسوق خان الخليلي بالقاهرة الذي يختص بصناعات الذهب والنحاسيات والفضة ، وسوق السلاح بالقلعة بالقاهرة والذي اختص ببيع السيوف والخناجر وجميع الأسلحة المستخدمة آنذاك ، وكان الهدف من ذلك التحكم البيئي في النشاط الحرفي ، وهذا ما نراه حاليا في تخطيط المناطق الصناعية ومدن الحرفيين في العصر الحديث . وذكر المقريزي في الكلام عن سوق (الحلاويين) بمصر في الجزء الثاني ص ۱۰۰ أن فيه من السكر المعمول بالصناعة ما يحير الناظر حسنها ... ومن أحسن الأشياء منظرا ما كان يصنع من السكر في المواسم مثل خيول وسباع وقطاط وغيرها تسمى العلاليق واحدها علاقة ترفع بخيوط على الجوانب فمنها ما يزن عشرة أرطال إلى ربع رطل تشترى للأطفال فلا يبقى جليل ولا حقير حتى يبتاع منها لأهله وأولاده وتمتليء أسواق مصر والقاهرة وأريافهما من هذا الصنف (14)

-----------------------------------------------------------------

(۲۷) المسوح ج مسح ، عن ابن سيده کساء مخطط يكون في البيت يستتر به ويفترش (المخصص 4: ۸۰) ولا يخفى أن منسوجات الموصل كانت لها من قديم الزمان شهرة كبيرة في الشرق والغرب حتى أن الأمم افرنجية أطلقت عليها اسم Mousseline تذكيرا لأصل موردها. (۲۸) الكامخ ، فارسي معرب وأصله "كامه" ويجمع على كوامیخن قال الجواليقي الكامخ الذي يؤتدم به (كتاب المعرب) وقال مرتضى وغيره في شرح الكامخ ومنهم من خصه بالمخللات Hors d ' oeuvres التي تستعمل لتشهي الطعام (تاج ۲: ۲۷۹) وكذا شفاء الخليل – أقول والمعنى الأخير هو المقصود هنا ويؤيده ما حكاه الجاحظ نفسه في البيان والتبيين (ج۳ ص ۱۹۱ من طبعة مصر سنة ۱۳۳۲).

نماذج من الأسواق العربية :

نماذج من الأسواق العربية


انتشار الأسواق وتعددها تدل على الاستقرار والأمان والتقدم الحضاري والرخاء الاقتصادي ، وكان في ذلك مؤشر على التحضر والانفتاح على الحضارات الأخرى ، ومن هذه الأسواق
:

- جاء في معجم البلدان لياقوت (ج ۲ ص ۳۳۰ و ۳۳۱) أن حماة هي مدينة كبيرة عظيمة كثيرة الخيرات رخيصة الأسعار وواسعة الرقعة حافلة بالأسواق ، يحيط بها سور محکم وبظاهر السور حاضر كبير جدا فيه أسواق كثيرة ، ويقال لهذا الحاضر السوق الأسفل لأنه منحط عن المدينة ويسمون المسور السوق الأعلى (هم) . - وكان هناك بالقاهرة سوق خاص اسمه سوق المحايريين اشتهر تجاره بتحديد أثمان بضائعهم بغير مساومة ، ومكانه قرب الجامع الأقمر واستحدث آخر قرب الجامع الطولوني على عهد المقريزي (انظر الخطط المقريزية) (م). - منزلة الأزلم كانت محطة من محطات الحجاج في الطريق ما بين القاهرة ومكة المشرفة ، وكان بها قلعة خربة وآبار غير صالحة للشرب ويباع عندها الحشيش لغذاء الدواب والسمن والغنم والسمك وغير ذلك مما تجلبه العرب (م) . 1 - كان أول سوق بني في الفسطاط في عهد عبد الملك بن * مروان ، وبعده سوق الكوفة في عهد هشام بن عبد الملك ، 1 وانتشرت الأسواق بعد ذلك في الكوفة والبصرة ، حتى بني سوق القيروان في عهد معاوية وكان مسقوفا ويغطي كافة الحرف والتجارات ، ومن ذلك يتضح أن تغطية الأسواق قد بدأت منذ الدولة الأموية ومن ثم أصبحت سمة من سمات المدينة العربية الإسلامية بمدلولها البيئي في الحماية من تقلبات المناخ. - وكالة بازرعة بالقاهرة : تعتبر من أحد الأسواق العربية الإسلامية القائمة بشكلها المتكامل لقوة ومتانة إنشائها وجمال تصميمها ، وقام ببنائها حسن كتخدا عام ۱۹۶۸م، وعرفت باسم (الكخيا) ، وأطلق عليها "وكالة بازرعة" نسبة إلى أخر مالك لها ، وتبلغ مساحة الأرض التي تشغلها هذه الوكالة ۱۸۰۰م۲، ويتكون المبنى من أربعة طوابق تضم ۱۰۸ غرف بما فيها الصوامع ، وكانت الوكالة مخصصة كسوق لتجارة الغلال والحبوب والمواد الزراعية ، والطابق الأول يحتوي على ۲5 حاصلا (محلا تجاريا) لعرض الحبوب والغلال التي يأتي بها التجار القادمون من بلاد الشام ، وبالخارج محلان للبيع بالتجزئة ، أما البيع بالداخل فلتجار الجملة ، والدور الثاني بعض المحلات مع مخازن التجار ، والطابقين الثالث والرابع فيحويان شقق تستخدم كسكن خاص للتجار (9م).

نماذج من الأسواق العربية

النتائج والتوصيات :

إن العمارة العربية الإسلامية استمدت معاييرها التصميمية من حاجات المواطن

والتزمت بالتراث الثقافي والعادات والتقاليد والأصول الأجتماعية ، فجاءت متناغمة مع

كل العصور وليست آثارا أو تراثا يعبر عن حضارة قد اندثرت . - أخذ الغرب كل هذه المعايير وأقلمها بما يتلاءم مع ثقافاته وعاداته وحاجاته ، ونقلها المصمم العربي إلى البيئة المحلية كما هي على اعتبار أنها مدارس حديثة وتطور. - أهمل المصمم للمجمعات التجارية الحديثة توظيف مصادر الطاقة الطبيعية باستخدام العناصر المعمارية الملائمة واستخدم المصادر الصناعية البديلة المكلفة والمستورد

أغلبها من الغرب . - تركز اهتمام المصمم والمخطط في التصميم الداخلي ، وتلاشت قوة وتأثير التصميم المعماري مع تسيد العمارة الداخلية والديكورات والتجهيزات التي ابتلعت العناصر المعمارية (إن وجدت) ، كما أهمل التصميم الخارجي وأصبح المركز التجاري أو السوق عبارة عن كتلة صماء أو مشوهة دخيلة على النسيج الحضري والعمراني للمنطقة ، وتلوث بصري للفراغ المتنوع معماريا ، كما شغل مساحات ضخمة أدت إلى تمزق البنية العمرانية والمعمارية للمنطقة . - سوء اختيار الموقع وعدم وضع المسجد كمرجع تخطيطي عند الاختيار ، واعتبر نقطة جذب لكثير من المستثمرين لإنشاء مجمعات تجارية أخرى ومتعددة بالقرب منه ، وهذا أدى إلى خلخلة في التركيبة العمرانية ، كما أدى نقص الدراسات البيئية والديموجرافية إلى وجود سلبيات كثيرة بيئية واجتماعية ومعمارية وتخطيطية . - وبناء على ذلك فإن نماذج الأسواق العربية القائمة والعادات التي لازلت متبعة وتمارس في الكثير من المدن العربية القديمة والقرى ، تعتبر مرجعا يحتاج إلى الدراسة والتحليل والأخذ بالنتائج وتطويرها بما يتلاءم مع العصر الحالي . - على الجهات المسؤولة سواء أكانت الحكومية أو المنظمات الهندسية أو الاستثمارية وضع هذه المشروعات قيد الدراسة ووضع الضوابط اللازمة التي تعمل على تنظيم تدفق الاستثمارات في هذا الاتجاه بشكل يعمل على تنمية الجوانب الإيجابية وتلافي السلبيات أو الحد منها ومعالجة ما هو قائم .

المراجع :

 (1)أبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ البصري - كتاب التبصر بالتجارة في وصف ما يستظرف في البلدان من الأمتعة الرفيعة والأعلاق النفيسة والجواهر الثمينة - نشر وتصحيح السيد حسن التونسي . دمشق ۱۹۳۲م

(۲) ابن الرامي - الإعلان بأحكام البنيان - تحقيق الدكتور محمد عبد الستار عثمان - دار المعرفة الجامعية، الإسكندرية ۱۹۸۹م .

(3) د. محمد بدر الدين الخولي - المؤثرات المناخية والعمارة العربية - دار المعارف - القاهرة - مصر (۱۹۷۷) (4) جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي الأتابكي - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة الجزء العاشر -مطبعة دار الكتب المصرية ۱۹۶۹م.

(5) جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي الأتابكي - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة الجزء الثامن -مطبعة دار الكتب المصرية ۱۹۹۹م .

(6) جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردي الأتابكي - النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة الجزء الحادي عشر-  مطبعة دار الكتب المصرية ۱۹۹۹م.

(۷) علي باشا مبارك - الخطط التوفيقية ص ۲۹ ج ۹ - مطبعة دار الكتب المصرية ۱۹۹۷م

(۸) علي بن محمد ابن مسعود الخزاعي - تخريج الدلالات السمعية على ما كان في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم منالحرف والصنائع - تحقيق الدكتور إحسان عباس - دار الغرب الإسلامي - بيروت ط۲. ۱۹۹۹م

(9) وكالة بازرعة ... تاريخ يمتد إلى أكثر من 354 عاما - مجلة عمار . العدد 64 - الكويت ۲۰۰۲م.

إعداد وتقديم

  مهندس/ خليل رشاد

استشاري معماري 
خبير التحكم البيئي والنشاط البشري 
هل اعجبك الموضوع :
author-img
مجلة ثقافية اجتماعية فنية (مستقلة)

تعليقات

التنقل السريع