الماء و خطط التنمية المستقبلية
حيث أن الماء يعد العامل المؤثر و الفعال فى خطط الدول،
لذا يجب علينا جميعا فى المرحلة القادمة أن نتكاتف ونجتهد للحفاظ على مواردنا من المياه سواء كانت مياه سطحية متمثلة فى نهر النيل & البحار & البحيرات أو كانت مياه جوفية تسرى فى باطن الأرض فى شكل خزانات جوفية على أعماق مختلفة ..
فسياسة الإدارة الرشيدة للمياه يجب أن تؤخذ فى الإعتبار كون هذه المياه متجددة أو غير متجددة إعتمادا على إتصال الخزان الجوفى بمصادر المياه السطحية ..
والتساؤلات الهامة والأساسية لمعرفة مصدر المياه وزمن
شحنها تعد نقطة البداية لأى مشروع استصلاح الأراضى أو مشروع مياه شرب .
ومن الإجابات ذات المغذى القوى على هذه التساؤلات هو إستخدام نظير الهيدروجين المشع ( التريتيوم) فى تتبع مصادر الشحن لهذه الخزانات الجوفية و تقدير عمرها بإستخدام بعض النماذج الرياضية الحديثة.
وهذا النموذج أمكن من خلاله حساب متوسط عمر هذه الآبار MEAN RESIEDENT TIME وذلك لأن الشحن يتم على فترات زمنية متباعدة .. ويوجد مصدرين فى الطبيعة لنظير الهيدروجين (التريتيوم ) ،
المصدر الأول
وهى الأشعة الكونية (من الشمس )
والمصدر الثانى
وهو التجارب النووية .
وفى كلتا الحالتين فإن نسبة وجوده الآن فى مياه نهر
النيل فى الحدود المسموح بها ما لم يحدث أى تجارب نووية تزيد من هذه النسبة..
ولقد طبقت هذه التقنية فى العديد من الأبحاث فى منطقة الدلتا و الوادى وأيضا بعض المناطق الصحراوية (الصحراء الشرقية و الغربية) .
ومن الحقائق الهامة خلال الدراسات السابقة فى هذا السياق ،
أنه فى نهاية الخمسينات و أوائل الستينات من القرن السابق قد حدثت بعض التفجيرات النووية فى القطاع الشمالى من أوروبا و أثرت بشكل واضح على الهواء فى طبقات الجو العليا ومن ثم بعد ذلك الأمطار التى زادت بها نسبة أو تركيز التريتيوم ..
وأثرت على المياه
السطحية التى تغلغل جزء منها الى الخزانات الجوفية وأصبحت الدراسة فى هذا السياق هامة
جدا..
ومن خلال تطبيق هذا النموذج الرياضى لآبار غرب الدلتا ، أظهرت النتائج ان تركيز التريتيوم فى مياه الآبار يعتمد على العمق و موقع الأبار.
و بمعنى آخر أن الآبار ذات التركيز العالى تقع بالقرب من مصدر تغذية مثل نهر النيل و قنوات الرى المتفرعة منه
وأما التركيز المنخفض فى الآبار يدل على ازمنة شحن كبيرة نسبيا و يعزى ذلك الى بعد هذه الابار عن الاتصال المباشر بالمياه السطحية و من ثم بعدها عن مصادر التلوث و صلاحيتها لأغراض الشرب والرى ..
مما سبق نخلص الى أن هذه
التقنيات هامة جدا فى مجال الدراسات البيئية لتتبع مصادر التلوث خاصة فى هذه الفترة الزمنية والتى يجب أن نحافظ
فيها على ثرواتنا المائية
وايضا من خلال التطبيقات البيئية العديدة التى تهتم بدراسة علم المياه ،طبقت طريقة استخدام النظائر البيئية الثابتة لتتبع مصادر شحن الخزانات الجوفية ..
ومن الجدير بالذكر ان نظيرى الهيدروجين و الاكسجين (
الديوتيريم و الاكسجين-18 ) هما المستخدمان فى هذا المجال من حيث اهميتهم العديدة
مثل معرفة مصادر تغذية الخزانات الجوفية & تحديد اتجاه سريان المياه
& مدى ارتباط الخزانات الجوفية ببعضها & مدى ارتباط الخزانات الجوفية
بالمياه السطحية ..الخ
والمنطقة التى نحن بصدد الحديث
عنها هى منطقة شرق الدلتا التى بها العديد من الابار الجوفية و
يتراوح اعماقها بين 10 الى 80 متر ، يحدها شرقا قناة السويس وغربا فرع دمياط و
شمالا البحر المتوسط و بحيرة المنزلة وجنوبا
ترعة الاسماعيلية ويتميز طقس هذه المنطقة بالحرارة صيفا و الدفىء شتاءا ويندر سقوط الامطار وتزداد كلما اتجهنا شمالا
لتصل الى 150 مم/ سنة .. اما الخزانات الرئيسية الحاملة لمياه هذه المنطقة هى
الخزان الزمن الرباعى والثلاثى وقد لوحظ التسرب الرأسى الى اعلى للمياه المالحة
فى المنطقة الشمالية من الدلتا .
ومن خلال الفحص الدقيق لآبار المياه الجوفية فى شرق الدلتا و استنادا للمستويات القياسية لمنظمة الصحة العالمية لتحديد صلاحية المياه ومدى ملائمتها للأغراض المنزلية & الشرب &الزراعة & للثروة الحيوانية و ايضا الاغراض الصناعية
فأمكن تقسيم المياه الى الاتى:-
قطاع بالجزء الجنوبى من شرق الدلتا حيث تمتاز مياه الابار فيه بالصلاحية للاغراض السابق ذكرها حيث الملوحة به اقل من 1000 مليجرام/لتر .
و القطاع الاوسط من شرق الدلتا وجد ان الملوحة تزداد تديجيا وتقل صلاحية المياه للاغراض المختلفة نتيجة للزيادة فى استخدام المبيدات الزراعية والاستخدام الجائر للآبار مما يساعد على ظهور الأملاح الذائبة فى مياه هذا القطاع .
وتتراوح مياه هذا القطاع بين 1000-3000 مليجرام/لتر مما يستلزم معه الاخذ فى الاعتبار انها تحتاج الى المعالجة قبل استخدامها للشرب .
واخيرا القطاع الشمالى والذى زادت فيه الملوحة بشكل واضح حيث تداخل مياه البحر وتأثيره بشكل واضح على الابار فى هذا القطاع ،
وقد وصلت الملوحة فى هذه الابار لأكثر من 13000 مليجرام/لتر وهنا يدق ناقوس الخطر لإستخدام هذه الآبار لعدة اسباب اهمها الملوحة العالية لتداخل مياه البحر بالاضافة الى تسرب مياه الصرف الزراعى المحمل بالأسمدة و المبيدات الزراعية ،
فهذه الأبار لا تصلح لجميع الاغراض السابقة ويوجد العديد من الحلول لمعالجة هذه المشكلة وهى اما بضخ مياه نظيفة ذات ملوحة اقل اى عملية احلال و تبديل ولكنها مكلفة نوعا ما أو عدم استخدام هذه الآبار فى هذا القطاع ..
و يبرزهنا دور النظائر البيئية
التى تسهم بشكل اساسي ومهم وفعال فى التعرف على مصادر تغذية أخرى اضافية تقوم بشحن
الخزان الجوفى لا يمكن التعرف عليها بالطرق التقليدية.
إعداد وتقديم
أ.د.وفاء محمد محمد مصطفى
تعليقات
إرسال تعليق