القائمة الرئيسية

الصفحات

 ثقافة الحفاظ على المياه

                                                                                                                              بقلم أستاذ دكتورة / وفاء محمد 
    
(بقلم) أ.د.وفاء محمد محمد مصطفى
استاذ هيدرولوجيا النظائر البيئية و دراسة مواقع محطات نووية
هيئة الرقابة النووية و الاشعاعية
Wafaasalem21@yahoo.com

أهمية المياه للحياة على كوكب الأرض

تنفرد الأرض بين جميع كواكب النظام الشمسي بامتلاكها للماء بحالاته الثلاثة؛ الصلبة، والسائلة، والغازية، إذ يُغطّي الماء ما يُقارب 75٪ من مساحة الأرض، ويتواجد بحالاته الثلاثة في طبقات الغلاف الجوي .

يحظى الماء بأهمية كبيرة عندما يتعلّق الأمر بحياة الكائنات الحية، إذ يُعتبر جزءاً ضرورياً لإتمام أهم العمليات الحيوية الفسيولوجيّة في أجسامها؛ كالتغذية والتلّخص من النفايات الناتجة داخل الخلايا,

وتُساهم المياه في خلق تنوّع بيولوجي في المكان الذي تتواجد فيه، إذ أنّ أيّ تغير في نوعيّة المياه يقود نحو تغيّر أعداد وأنواع الكائنات الحيّة الموجودة حولها، فعلى سبيل المثال تُعدّ أماكن تجمّع المياه، 

مثل: الجداول، والبُحيرات، والأراضي الرطبة كالمُستنقعات نقاطاً حسّاسة وذلك لسهولة وصول الملوّثات إليها أو إلى الأماكن القريبة منها، ممّا يتسبّب في تغيّر نوعيّة المياه فيها وبالتالي الإخلال بالأنظمة البيئيّة.

ويلعب الماء دوراً رئيسيّاً في تشكيل تضاريس سطح الأرض، 

مثل: الأخاديد، والسهول، وأماكن تجمّع المياه التي تتكوّن جرّاء الفيضانات..

ومن الجدير بالذكر أنّ الماء ينفرد بالعديد من الخصائص التي تحتاجها الكائنات الحية بأنواعها المختلفة، وذلك بدخوله في العمليات والتفاعلات الكيميائية داخل أجسامها بالإضافة إلى الحفاظ على شكل المكونات الأساسية لخلاياها ، 

ففي معادلة المناخ يلعب الماء دوراً بارزاً في النظام المناخي لكوكب الأرض، إذ لا يُمكن تغافل دور بخار الماء الموجود في الغلاف الجوّي ودورانه في الجو عبر دورة المياه في الطبيعة في توزيع درجات الحرارة على الأرض وبالتالي التأثير على المناخ.

مياه المحيطات الواسعة التي تُغطي سطح الأرض  تقوم بدور هام  في توزيع درجات الحرارة؛ وذلك تبعاً لكثافتها، وملوحتها، ودرجة حرارتها، والتي يُسبّب تباينها حركة تيارات الماء عبر المحيطات، إذ إنّ انتقال المياه الدافئة من المناطق الجنوبية إلى المناطق الشماليّة الباردة يُفقدها من حرارتها ممّا يتسبّب ببرودتها وزيادة كثافتها وبالتالي نزولها نحو العمق، 

بينما تطفو مكانها المياه الشماليّة الأكثر دفئاً ممّا يمنع تجمّد المياه، وهكذا يؤثّر الماء على مناخ القارات، كما تمتص المياه الموجودة في المحيطات درجات الحرارة بشكل أكبر ممّا يتمّ امتصاصه على سطح اليابسة بحوالي ثلاثة أضعاف، بينما تفقدها بشكل أبطأ، ممّا يؤدّي إلى اختلاف المناخ في المناطق والقارات تبعاً للتضاريس الطبوغرافيّة الموجودة فيها.

مصادر المياه

تتنوع مصادر المياه على الكرة الأرضية بين مياه عذبة ومياه مالحة .

وتنقسم مصادر المياه  الى:-

-         مياه سطحية مثل البحار و الأنهار و المحيطات والعيون و البحيرات .

-         مياه جوفية وهى خزانات كبيرة جدا  تقع على اعماق كبيرة تحت الارض وقد تتواجد هذه الخزانات فى دولة واحدة  (مثل الخزان الرباعى فى صحراء مصر  واسفل الدلتا ) وايضا قد تشترك عدة دول فى خزان واحد ( مثل الخزان النوبي ).

وتعد المياه الجوفية التى تستخرج من خلال الآبار  موردا نظيفا جدا ( فى حال انها تقع على عمق يزيد عن 50 مترا ) 

مع العلم بأنه توجد آبار ليست عميقة وقربها من السطح قد يلوثها ،لكن فى معظم الاحوال يمكن استخدام مياه الآبار فى اغراض كثيرة اهمها الشرب ..

ثقافة حماية المصادرالمائية

والتي تتلخص  في النقاط الآتية

-          تعديل السلوكيات اليومية للمحافظة على مصادر المياه ونظافتها، ومن الأمثلة على ذلك ما يلي: التخلص من الأدوات المصنوعة من المواد الضارة؛ كالبلاستيك بشكل صحيح دون الإضرار بالبيئة.

 

-         عدم التخلص من النفايات الخطرة بإلقائها على الأرض، أو في المجاري؛ مما قد يؤدّي الى تلوث التربة، والمياه الجوفية، أو المياه السطحية القريبة.

-         تجنّب أو تقليل استخدام بعض المواد السامة التي تساهم في تلوث المياه الجوفية أو السطحية قدر المستطاع، ومنها؛ زيوت المحرك، والمبيدات الحشرية، وعلب الطلاء، والمنظفات، والأدوية، وغيرها من المواد والنفايات.

-          يمكن للأفراد المشاركة في الاعمال التطوعية التي تهدف للحفاظ على المياه من التلوث أو الاستهلاك.

-          البحث عن منظمات تُعنى بالمحافظة على مياه الأمطار، أو الآبار والتطوّع للمساعدة، ويمكن للشخص في حال عدم توفّرها تشكيل فريقه الخاص من المتطوعين لخدمة البيئة.

-         الانضمام لفرق تنظيف الشواطئ، والينابيع، أو الأراضي الرطبة، مما يساعد في الحفاظ على البيئة.

-         تحضير عرض تقديمي وعرضه داخل المدرسة أو في إحدى المنظمات المعنية لتسليط الضوء على أبرز المشكلات والمخاطر التي تواجه المياه؛ كالجريان السطحي للمياه الملوثة، وتهديد التوازن البيئي، والحرص على تقديم حلول وإجراءات للعمل على تفادي مثل هذه المشاكل؛ كالحد من استخدام الأسمدة والتأكد من سلامة أنظمة الصرف الصحي.

-         المشاركة في صنع الملصقات الملونة، والأعمال الفنية البسيطة والمفهومة، وتعليقها قرب مصادر المياه؛ كالبحيرات والجداول؛ لتذكير الأفراد بضرورة عدم إلقاء النفايات على الأرض وخطورتها على المياه السطحية.

-         تصميم المنشورات الإعلانية وتوزيعها على السكان المحليين والجيران لتذكيرهم بخطورة النفايات على جودة مياه الشرب المحلية.

ثقافة الحفاظ على المياه

 تصريحات التقارير الدولية

يتوالى صدور تقارير عن كبريات المؤسسات والمنظمات الدولية التي تهتم بالبحث والتدقيق في ملف المياه، ذلك العنصر الذي يشهد أزمة حقيقية في عالمنا المعاصر.

وتعمد الصحف واحدة تلو أخرى إلى نشر مصطلح جديد "حرب المياه العالمية"، التي تُرشّح على ما يبدو منطقة الشرق الأوسط، مرة أخرى، لتكون عاصمتها. فهل ستطلق المنطقة جيوشها وأسلحتها عام 2030 .

ان الخرائط الصادرة عن الأقمار الصناعية التابعة لـ NASA، والتي راقبت اختلافات مجموع تخزين مياه الأرض اقرت أن أجزاء كبيرة من منطقة الشرق الأوسط القاحلة نسبياً فقدت احتياطات المياه العذبة بسرعة كبيرة ، ففي خلال 7 أعوام  فقط خسرت بعض الدول مثل تركيا وسوريا والعراق وإيران، التي تتقاسم حوض نهري دجلة والفرات، 144 كيلو مترمكعب من مجموع المياه العذبة المخزنة لديهم، 60% منها ناتجة عن ضخ المياه من الخزانات الجوفية.

خسارة تساوي بمفردها كمية المياه في البحر الميت  في وقت يزداد  فيه الطلب على المياه العذبة بكثرة، وتفتقر دول المنطقة إلى التعاون في إدارة مياهها بسبب التفسيرات المختلفة للقوانين الدولية.

فنجد كمية المياه التي تبخّرت في سنوات قليلة كانت كافية لتلبي حاجة أكثر من 100 مليون فرد كل عام، والشرق الأوسط لا يملك في الأصل كمية مياه كافية حتى يهمل قيمتها الحقيقية.وصدر عن الأمم المتحدة قبل 5 أعوام تقرير يؤكد أن 47% من سكان العالم سيعيشون في مناطق خاضعة للإجهاد المائي عام 2030، وسيكون لندرة المياه في بعض المناطق القاحلة آثار كبيرة على الهجرة. ، تخيلوا إذاً مستقبلاً متعطّشاً لقطرة ماء.

وحيث أن المياه إلى جانب الهواء من أهم عناصر الحياة، ولكنها تعتبر مع الأسف من الموارد غير المتجددة، والتي قد يؤدي الاستخدام غير المنظّم لها إلى نفاذها في المستقبل القريب كما أشارت التقارير الدولية، إلا أنّ اتباع أساليب المحافظة عليها قد يساعد على تجنّب هذه الآثار في المستقبل ، لذلك ظهرت الحاجة لدى العديد من المناطق والدول حول العالم إلى دعوة مواطنيها إلى ترشيد استهلاك المياه للمحافظة عليها.

يجدر بالذكر هنا أنّ هناك العديد من الأسباب التي تدعو للمحافظة على المياه؛ إذ لا تقتصر أهمية المياه على ابقاء البشر، والحيوانات، والنباتات على قيد الحياة، بل إنها توفّر أيضاً مواطن بيئية متخصصة للحياة البرية، كما أنّ ترشيد استهلاك المياه ينعكس ايجاباً على البيئة وعلى الدخل المادي للفرد؛ فتوفير استهلاك الماء يوفّر الطاقة التي يتم استخدامها لتنقية المياه، وتسخينها، وضخّها الى المنازل، مما يساعد بالتالي على التقليل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون الى الهواء، والمحافظة على البيئة، أما من الناحية المادية الاقتصادية، فكلّما قلّ استهلاك الفرد اليومي للمياه، قلّت قيمة فاتورة الاستهلاك المترتبة عليه، مما يساعد بالتالي على توفير الأموال.

إن عمليات نشر الوعى للاستخدام الأمثل للمياه هو أحد التحديات التى يجب ان تواجه بكل حزم وشدة من قبل الجهات المعنية حتى تتمكن الاجيال القادمة من العيش فى بيئات صحية و كريمة تفى بجميع متطلباتهم دون اللجوء الى هذه الحروب  ..والى أن نلتقى مع  ثقافات أخري.

إعداد وتقديم

أ.د.وفاء محمد محمد مصطفى

أ.د.وفاء محمد محمد مصطفى
أستاذ هيدرولوجيا النظائر البيئية ودراسة مواقع محطات نووية
هيئة الرقابة النووية و الاشعاعية
Wafaasalem21@yahoo.com

هل اعجبك الموضوع :
author-img
مجلة ثقافية اجتماعية فنية (مستقلة)

تعليقات

التنقل السريع